الإعجاز الاقتصادي في قصة سيدنا يوسف عليه السلام

اختص الله ذاته الكلية بالغيب فلا يطلع علي علمه أحد إلا بإذنه. ومن أدبيات الإيمان إذا جئت تتحدث عن عمل قادم أن تربطه بمشيئة الله "ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله" "22 : 23 الكهف" وقوله تعالي: "وما تدري نفس ماذا تكسب غدا" وقوله "وما تشاءون إلا أن يشاء الله" والذين استشرفوا المستقبل فعن إلهام رباني وصفاء روحي يحيط بالإطار ولا يلج التفاصيل والذي رأي من آيات ربه الكبري هو سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج حيث اجتمعت له حلقات الزمن ماضيه وحاضره ومستقبله وصلي بمن سبقه من الأنبياء إماماً بالمسجد الأقصي وارتقي البراق ليجتاز آفاق السماوات وصولا للسماوات العلا ويشاهد من المرئيات قصة الوجود الإنساني بالكامل منذ خلق الله آدم وإلي أن تقوم الساعة. وقد لا ينتبه لهذا المعني العظيم الكثير ممن يمرون علي الآيات مرور المتعجل بلا تريث يتفق وجلال المعجزة وعظمة التكريم الذي حازه النبي الخاتم دون خلق الله أجمعين تثبيتاً له وتأييداً ونصرة وتعويضا عمن فقد من الأهل والسند.
الحديث عما ورد في قصة يوسف -عليه السلام- من إعجاز يرتبط بأن يسره الله لكشف غطاء الغيب في أمر يتعلق بمستقبل أمة علي امتداد خمسة عشر عاما وذلك بتفسير رؤيا الملك التي أقلقته وفك له يوسف مكنونها ومضمونها ووضعه أمام حقيقة تستوجب التصرف:
"يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلي الناس لعلهم يعلمون. قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدتم لهن إلا قليلا مما تحضون ثم يأتي بعد ذلك عام فيه ياغاث الناس وفيه يعصرون" "46 - 49 يوسف".
وكان تفسير يوسف شافياً وافياً كافياً لاتخاذ تدابير اقتصادية علي مستوي عال من الانضباط والجدية وأستوزره الملك وجعله علي خزائن الأرض وتولي مهمته للمواجهة من خلال برنامج عمل يشتمل علي انتاج مصر بأسرها وينظم عملية حفظ المحصول والتصرف فيه بحكمة لاستبقاء فائض سنوات الوفرة لتغطية سنوات الشح. والندرة والتي مست مصر وطالت ما حولها من دول الجوار فأقبل إخوته من حيث لا يدرون وجوده يلتمسون الإمداد حتي لا يهلكوا جوعا فأبرهم يوسف بما يتناسب ونبوته وعلو همته.
وقد ينظر البعض للقصة من حيث رؤيا يوسف الأولي التي قصها لأبيه يعقوب -عليه السلام- وأوصاه بألا يفشي أمرها لأخوته فيكيدونا له كيدا. وقد تحققت بكاملها كنهاية سعيدة للقصة التي تربط بين حفظ الله ليوسف وحفظه لمصر بتأويله الرؤيا ومتابعتها علي أرض الواقع حتي انقشعت الأزمة. ونعود عودنا للربط بين تخطيط يوسف الصديق وتخطيط سائر البشر. فالأول كان كشفاً لقضاء واقع مصحوباً بتدبير من الله وتكليف ليوسف لمتابعة الأمر ليتفق ما قيل مع ما قد حصل تأييدا من الله لعبده المؤمن الذي صامن العهد وأنجز الوعد وبما يعد معجزة اقتصادية باهرة لا يستطيعها من البشر عقول أو أنظمة ولا يمكن أن يخططوا وينفذوا بتوافق عام بين المقدر والمتوقع لتبين للناس عجزهم عن مسايرة القدرة أو التساوي مع المشيئة وعليهم الأخذ بالأسباب دون تأكيد النتائج.

مشكوووووووووووووووووووووووورة يسلمموووووووووووووووووووووو

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

» قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام
» قصة سيدنا ايوب
» قصة سيدنا ابراهيم عليه السلام
» قصة الصحابي الجليل يوسف عليه السلام
» قصص النبي عيسى عليه السلام